للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جالسٌ بفنائها، مؤترز بشملةٍ، محتب بحبل، فسلمت عليه، وانتسبت له فقال: ما فعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ? فقلت: توفي صلوات الله عليه! قال: فما فعل عمر بن الخطاب الذي كان يحفظ العرب ويحوطها? قلت له: مات رحمه الله تعالى! قال فأي خيرٍ في حاضرتكم بعدها! قال فذكرت له الديات التي لزمتنا للأزد وريعة. قال: فقال لي: أقم، فإذا راعٍ قد أراح ألف بعير، فقال: خذها، ثم أراح عليه آخر مثلها، فقال: خذها، فقلت: لا أحتاج إليها، قال: فانصرفت بالألف عنه، ووالله من هو إلى الساعة!

قوله: "المناسم" واحدها منسم، وهو ظفر البعير في مقدم الخف، وهو من البغيرة كالسنبك من الفرس وقوله:

عشية سال المربدان كلاهما

يريد المربد وما يليه مما جرى مجراه، ةالعرب تفعل هذا في الشيئين إذا جريا في باب واحد، قال الفرزدق:

أخذنا بآفاق السماء عليكم ... لنا قمراها والنجوم الطوالع

يريد الشمس والقمر: لأنهما قد اجتمعا في قولك، "النيران"، وغلب الاسم المذكر، وإنما يؤثر في مثل هذا الخفة، وقالوا: "العمران" لأبي بكر وعمر، فإن قال قائل: إنما هو عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز، فلم يصب، لأن أهل الجمل نادوا بعلي بن أبي طالب رحمة الله عليه: أعطنا سنة العمرين. فإن قال قائل: فلم لم يقولوا: أبوي بكر، وأبو بكر أفضلهما فلأن عمر اسم مفرد، وإنما طلبوا الخفة. وأنشدني التوزي عن أبي عبيدة لجرير:

وما لتغلب إن عدوا مساعيهم ... نجم يضيء ولا شمس ولا قمر

ما كان يرضى رسول الله فعلهم ... والعمران أبو بكر ولا عمر

هكذا أنشدنيه١:

وقال آخر٢:

قدني من نصر الخبيبين قدي


١ زيادات ر: "إنما قال هكذا أنشدنيه غير التوزى يرويه:
والطيبان أبو بكر ولا عمر
٢ زيادات ر: "هو حميد بن الأرقط"، والبيت في اللسان "قدد"، وإصلاح المنطق ٤٤٤،٣٧٧ وبعده:
ليس الإمام بالشحيح الملحد

<<  <  ج: ص:  >  >>