وكما قال الآخر:
ألهى بني جشم عن كل مكرمة ... قصيدة قالها عمرو بن كلثوم
يفاخرون بها مذ كان أولهم ... يا للرجال لفخر غير مسئوم
إن القديم إذا ما ضاع آخره ... كساعد فله الأيام محطوم
وكما قال عامر بن الطفيل:
إني وإن كنت ابن فارس عامر ... وفي السر منها والصريح المهذب
فما سودتني عامر عن وراثة ... إبى الله أن أسمو بأم ولا أب
ولكنني أحمي حماها، وأتقي ... أذاها وأرمي من رماها بمقنب
قال أبو الحسن: أنشدني هذه الأبيات محمد بن الحسن المعروف بابن الحرون ويكنى أبا عبد الله لعامر بن الطفيل العامري. قال أبو الحسن: قال الأصمعي: وكان عامر بن الطفيل يلقب محبراً لحسن شعره، وأولها:
تقول ابنة العمري ما لك بعدما ... أراك صحيحاً كالسليم المعذب
فقلت لها: همي الذي تعلمينه ... من الثأر في حيي زبيد وأرحب
إن اغز زبيداً أغز قوماً أعزة ... مركبهم في الحي خير مركب
وإن أغز حيي خثعم فدماؤهم ... شفاء، وخير الثأر للمتأوب
فما أدراك الأوتار مثل محقق ... بأجرد طاو كالعسيب المشذب
وأسمر خطي وأبيض باتر ... وزغف دلاص كالغدير المثوب
سلاح امرىء قد يعلم الناس أنه ... طلوب لثارات الجال مطلب
ثم أتى بإنشاد أبي العباس على وجهه، إلا أنه روى: "من رماها بمنكب" السليم: الملدوغ، وقيل له: "سليم" تفاؤلاً له بالسلامة، وزبيد وأرحب: حيان من اليمن. والثأر: ما يكون لك عند من أصاب حميمك، من الترة، ومن قال "ثار" فقد أخطأ.