للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالسجل في الأصل الدلو، وإنما ضربه مثلاً لما فاض عليها من ندى أقاربها، يقال للدلو- وهي مؤنثة: سجل وذنوب، وهما مذكران، والغرب مذكر وهو الدلو العظيمة، ويقال: فلان يساجل فلاناً، أي يخرج من الشرف مثل ما يخرج الآخر، وأصل المساجلة أن يستقي ساقيان، فيخرج كل واحدٍ منهما في سجله مثل ما يخرج الآخر، فأيهما نكل فقد غلب، فضربته العرب مثلا للمفاخرة والمساماة. وبين ذلك الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب في قوله:

من يساجلني يساجل ماجداً ... يملأ الدلو إلى عقد الكرب

ويقال: إن الفرزدق مر بالفضل وهو يستقي، وينشد هذا الشعر، فسرا الفرزدق ثيابه عنده، ثم قال: أنا أساجلك- ثقةً منه بنسبه- فقيل له: هذا الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب. فرد الفرزدق ثيابه عليه ثم قال: ما يساجلك إلا من عض بأير أبيه. يقال: سرا ثوبه ونضا ثوبه في معنى واحد، إذا نزعه، ويقال: سرى عليه الهم إذا أتى ليلاً، وأنشد:

"سرى همي وهم المرء يسري١"

وسرى همه إذا ذهب عنه. والمواضخة مثل المساجلة، قال العجاج:

"تواضخ التقريب قلواً مخلجاً"

أي تخرج من العدو ما يخرج.، قال الله عز وجل على مخرج كلام العرب وأمثالهم {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ} ٢ وأصل الذنوب الدلو كما ذكرت لك.

وقال علقمة بن عبدة للحارث بن أبي شمر الغساني: "قال أبو الحسن: غير أبي العباس يقول شمرٌ، وبعضهم يقول شمرٌ "وكان أخوه أسيراً عنده، وهو


١ بقية البيت كما في زيادات ر:
وغار النجم إلا قيد؟
وفيها: "البيت لعروة بن أذينة الليثى شيخ مالك بن أنس".
٢ سورة الذاريات ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>