للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شأس بن عبدة أسره في وقعة عين أباغ. [قال أبو الحسن: غيره يقول إباغ، بالكسر] في الواقعة التي كانت بينه وبين المنذر بن ماء السماء، في كلمةٍ له مدحه فيها:

وفي كل حي قد خبطت بنعمةٍ ... فحق لشأسٍ من نداك ذنوب

فقال الملك: نعم وأذنبةٌ.وقوله:

"وقد كربت أعناقها أن تقطعا"

يقول: سقيت هذا السجل وقد دنت أعناقها من أن تقطع عطشاً، وكرب في معنى المقاربة، يقال: كاد يفعل ذلك، وجعل يفعل ذلك، وكرب يفعل ذلك، أي دنا من ذلك. ويقال: جاء زيد والخيل كاربته، أي قد دنت منه وقربت. فأما أخذ يفعل، وجعل يفعل، فمعناهما أنه قد صار يفعل، ولا تقع بعد واحدة منهما: "أن" إلا أن يضطر شاعرٌ، قال الله عز وجل: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} ١ أي لم يقرب من رؤيتها، وإيضاحه: لم يرها ولم يكد، وكذلك: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} ٢، وكذلك: {كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ} ٣ بغير "أن". ومن أمثال العرب: كاد النعام يطير، وكاد العروس يكون أميراً، وكاد المنتعل يكون راكباً وقد اضطر الشاعر فأدخل "أن" بعد "كاد"، كما أدخلها هذا بعد "كرب" فقال:

"وقد كربت أعناقها أن تقطعها"

وقال رؤبة:

"قد كاد من طول البلى أن يمصحا٤"


١ سورة النور ٤٠.
٢ سورة النور ٤٣.
٣ سورة التوبة ١١٧.
٤ يمصح: يدرس.

<<  <  ج: ص:  >  >>