للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "إن يصبح صداي بقفزة" فالصدى: على ستة أوجه: أحدها ما ذكرنا وهو ما يبقى من الميت في قبره، والصدى: الذكر من البوم، قال ابن مفرغ١:

وشريت برداً ليتني ... من بعد بردٍ كنت هامة٢

هتافة تدعو صدى ... بين المشقر واليمامة

ويقال: فلان هامة اليوم أوغدٍ، أي يموت في يومه أو في غده. ويقال ذلك للشيح إذا أسن، والمريض إذا طالت علته، والمحتقر٣ لمدة الآجال. وفي الحد يث أن حسلاً٤ أباحذيفة بن حسل بن اليمان قال لشيخ آخر تخلف معه في غزوةأحدٍ: انهض بنا ننصر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنما نحن هامة اليوم أو غدٍ وكانا قد أسنا. والصدى: حشوة الرأس. يقال لذلك: الهامة والصدى وتأويل ذلك عند العرب في الجاهلية أن الرجل كان عندهم إذا قتل فلم يدرك به الثأر أنه يخرج من رأسه طائر كالبومة وهي الهامة والذكر: الصدى فيصيح على قبره. اسقوني اسقوني فإن قتل قاتله كف ذلك الطائر. قال ذو الإصبع٥ العدواني أحد بني عدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان بن مضر:

ياعمرو إلا تدع شتمي ومنقصتي ... أضربك حيث تقول الهامة اسقوني

والصدى: ما يرجع عليك من الصوت إذا كنت بمتسع من الأرض، أو بقرب جبل، كما قال:

إني على كل إيساري ومعسرتي ... أدعو حنيفاً كما تدعى ابنة الجبل

يعني الصدى، وتأويله أنه يجيبني في سرعة إجابة الصدى. وقال آخر:

كأني إذ دعوت بني سليم ... دعوت بدعوتي لهم الجبالا


١ زيادات ر: "اسمه ربيعة، وسمى مفرغا لأنه شرب سقاءين ففرغهما".
٢ شريت هنا: بعت.
٣ زيادات ر: رواية عاصم بن أيوب رحمه الله برفع "المحتقر" يرفعه بالابتداء ويضمر الخبر، فيكون التقدير: والمحتقر لمدة الآجال، يقال ذلك له، ورواية ابن سراج بالخفض على العطف".
٤ زيادات ر: "حسل أبو حذيفة، هو حسل بن جابر، وهو اليمان، والشيخ الذي تخلف معه ثابت بن وقش الأنصاري".
٥ زيادات ر: "هو حرثان من محرث، سمى بذى الإصبع؛ لأنه كان له إصبع زائدة، وقيل: لأن حية عضته في إصبعه".

<<  <  ج: ص:  >  >>