فلما أوصل الغضبان الكتاب إلى قطرى قال: ياغلام، ازبر هذه الصحيفة، فتلا عليه مافبها فتنهد قطرى الصعداء, فقال: ياغضبان ألفيتنى محزونا، وانشأ يقول: فيا كبدا من غير جوع ولا ظمأ ... وياكبدا من وجد أم حكيم فلو شهدتني يوم دولاب أبصرت ... طعان فتى في الحرب غير لئيم غداة طفت علماء بكر بن وائل ... وعجنا صدور الخيل نحو تميم وكان بعبد القيس أول حدها ... وآب عميد الأزد غير ذميم -يعنى المهلب، وأم حكيم هذه: امرأة من الخوارج قتلت بين يديه، ثم قال: ياغلام، اكتب، "بسم الله الرحمن الرحيم" من قطرى بن الفجاءة إلى الحجاج بن يوسف. سلام على من اتبع الهدى. ذكرت في كتابك أنى كنت يدويا أستطعم الكسرة، وأبدر إلى النمرة، وبالله لقد قلت زورا، بل الله بصرنى من دينه ما أعماك عنه؛ إذ أنت سايح في الضلالة غرق في غمرات الكفر، ذكرت أن الضرورة طالت بى فهلا برزلى من حزبك من نال الشيع، واتكأ فاتدع! أما والله لئن أبرز الله صفحتك، وأظهر لى صلعتك، لتنكرن شيعك، ولتعلمن أن مقارعة الأبطال، ليس كتسطير الأمثال".