للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل هذا كثير، وعلى مثل هذا القول الثاني تقول: "يا تيم تيم عدي" لأنك أردت: "يا تيم عدي"، وأقحمت الأول توكيدً١، وكذلك: لا أبا لك، لأن الألف لا تثبت في الأب في النصب إلا في الإضافة، أولا بدلاً من التنوين، فإنما أراد لا أباك ثم اقحم اللام توكيداً للإضافة، وأنشد المازني:

وقد مات شماخ ومات مزرد ... وأي كريم لا أباك يخلدُ!

وقال آخر:

أبا لموت الذي لا بد أني ... ملاقٍ لا أباك تخوفيني!

وقوله: "على صراط" فالصراط: المنهاج الواضح، وكذلك قالت العلماء في قول الله عزّ وجل: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} .

وقوله: "سما بكَ خالدٌ" يريد خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مُرة بن كعب، لأن أم هشام بنتُ هشام بن إسماعيل ابن هشام بن المغيرة، بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وكان هشام بن المغيرة أجل قرشي حالماً وجوداً، وكانت قريش تؤرخ بموته، كما كانت تؤرخ بعام الفيل، وبملكِ فلانٍ، قال الشاعر:

زمان تناعى الناس موت هشام

ومن أجل يقول القائل:

فأصبح بطن مكة مقشعراً ... كأنَّ الأرض ليس بها هشامُ

يقول: هو وإن كان مات فهو مدفون في الأرض، فقد كان يحب من أجله ألا ينالها جدب، وقال الآخر:

ذريني أصطبح يا سلم إني ... رأيت الموت نقب عن هشام

وقوله: "نقب" أي طوف حتى أصاب هشاماً، قال الله عز وجل: {فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ} أي طوفوا، ومثله قول امرئ القيس"

وقد نقبت في الآفاق حتى ... رضيت من الغنيمة بالإياب


١ زيادات ر: كذا وقع "وأقحمت الأول توكيدا"، وإنما الصحيح: "وأقحمت الثاني توكيدا".
٢ سورة ق ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>