للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نطيع نبيّنا ونطيع رباً ... هو الرّحمن كان بنا رؤوفا

وقد قرىء: {واللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} ١، و {رَؤُوفٌ} أكثر، وإنما هو من الرّأفة، وهي أشدّ الرّحمة، ويقال: "رآفةٌ" وقرىء: {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} ٢، على وزن الصّرامة والسّفاهة.

وقوله:

إذا بعض السّنين تعرّ قتنا

يفسر على وجهين: أحداهما: ان يكون ذهب إلى بعض السنين سنون، كما قال الأعشى:

وتشرق بالقول الذي قد أذعته ... كما شرقت صدر القناة من الدّم

لأن صدر القناة قناةٌ، ومن كلام العرب: ذهبت بعض أصابعه، لأن بعض الأصابع إصبع، فهذا قول.

والأجود أن يكون الخبر في المعنى عن المضاف إليه، فأقتحم المضاف إليه توكيداً، لأنه غير خارج من المعنى، وفي كتاب الله عزّ وجل: {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} ٣ إنما المعنى: فظلّوا لها خاضعين، والخضوع بيّن في الأعناق، فأخبر عنهم، فأقحم العناق توكيداٌ. وكان أبو زيد الأنصاريّ يقول: أعناقهم جماعاتهم، تقول: أتاني عنقٌ من النّاس، والأول قول عامّة النحويين. وقال جرير:

لما أتَى خبرُ الزبيرِ تواضعتْ ... سورُ المدينةِ والجبالُ الخشعُ

وقال أيضاَ:

رأت مرَّ السنينَ أخذن مِنِّي ... كما أخذ السرارُ من الهلالِ

وقال ذو الرمة:

مشينَ كما اهتزت رِماح تسفهت ... أعاليها مرُّ الرياح النواسم٤


١ سورة البقرة ٢٠٧.
٢ سورة النور ٢.
٣ سورة الشعراء ٤.
٤ زيادات ر: "زعم بعضهم أن البيت مصنوع، والصحيح فيه: مرضى الرياح النواهم، المرضى: التي تهب بلين".

<<  <  ج: ص:  >  >>