للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتحدثوا من غير وجه أن عمرو بن معدي كرب كان معروفا بالكذب. وقيل لخلف الأحمر - وكان شديد التعصب لليمن -: أكان عمرو بن معد كرب يكذب? فقال: كان يكذب في المقال، ويصدق في الفعال.

وذكروا من غير وجه أن أهل الكوفة من الأشراف يظهرون بالكناسة فيتحدثون على دوابهم، إلى أن يطردهم حر الشمس، فوقف عمرو بنمعدي كرب وخالد بن الصقعب النهدي، فأقبل عمرو يحدثه، فقال: أغرنا مرة على بني نهدٍ، فخرجوا مسترعفين بخالد بن الصقعب، فحملت عليه فطعنته فأذريته١، ثم ملت عليه بالصمصامة، فأخذت رأسه، فقال له خالد: حلا أبا ثورٍ، إن قتيلك هو المحدث. فقال: يا هذا، إذا حدثت فاستمع، فإنما نتحدث بمثل ما تسمع لترهب به هذه المعدية٢.

قوله: "مسترعفين" يقو: مقدمين له، يقال: جاء فلان يرعف الجيش ويؤمن الجيش، إذا جاء متقدماً لهم، ويقال في الرعاف: رعف يرعف، لا يقال غير رعب، ويجوز يرعف من أجل العين، ليس من الوجه. وسنذكر هذا الباب بعد انقضاء هذه الأخبار؛ إن شاء الله.

وقوله: حلا أبا ثور يقول: استثن، يقال: حلف ولم يتحلل، أي لم يستثن.

وخبرت أن قاصا كان يكثر الحديث عن هرم بن حيان٣، فاتفق هرم [مرة] ٤ معه في مسجد وهو يقول: حدثنا هرم بن حيان، مرة بعد مرة، بأشياء لا يعرفها هرم، فقال له: يا هذا، أترعفني? أنا هرم بن حيان، والله ما حدثتك من هذا بشيء قط، فقال له القاص: وهذا أيضاً من عجائبك، إنه ليصلي معنا في مسجدنا خمسة عشر رجلاً، اسم كل رجل منهم هرم بن حيان، كيف توهمت أنه ليس في الدنيا هرم بن حيان غيرك!


١ أذريته: رميته.
٢ المعدية: المنسوبون إلى معد.
٣ زيادات ر: "الهرم: الضب، يقال إنه في الشتاء يأكل حسوله ولا يخرج، قال الشاعر:
كما أكب على ذي بطنه الهرم
قيل إن هرم بن حيان حملته أمه أربع سنين: ولذلك سمى هرما".
٤ من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>