للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن ذلك ما يحكون في خبر لقمان بن عاد، فإنهم يصفون أن جارية له سئلت عما بقي من بصره، لدخوله في السّنّ? فقالت: والله لقد ضعف بصره، ولقد بقيت منه بقيّة؛ إنه ليفصل بين أثر الأنثى والذكر من الذرّ إذا دبّ على الصّفا؛ في أشياء تشاكل هذا من الكذب.

وحدّثت أنّ امرأة عمران بن حطّان السّدوسي قالت له: أما حلفت أنّك لا تكذب في شعر? فقال لها: أو كان ذاك? قالت: نعم، قلت:

فكذاك مجزأة بن ثو ... رٍ كان أشجع من أسامة

أيكون رجل أشجع من أسد! فقال لها: ما رأيت أسداً فتح مدينة قط، ومجزأة بن ثور قد فتح مدينة١.

ومرّ عمران بن حطّان بالفرزدق وهو ينشد، فوقف عليه فقال:

أيها المادح العباد ليعطى ... أن لله ما بأيدي العباد

فاسأل الله ما طلبت إليهم ... وارج فضل المقسّم العواد

لا تقل للجواد ما ليس فيه ... وتسمّ البخيل باسم الجواد

وأنشدني الحسن بن رجاء لرجل من المحدثين لم يسمّه٢:

أبا دلف يا أكذب الناس كلهم ... سواي فإني في مديحك أكذب

وأنشدني آخر لرجل من المحدثين:

إنّي امتدحتك كاذباً فأثبتني ... لمّا امتدحتك ما يثاب الكاذب

قال الأصمعي: قلت لأعرابي كنت أعرفه بالكذب: أصدقت قط? قال: لولا أنّي أخاف أن أصدق في هذا لقلت لك: لا.


١ زيادات ر: "مجزأة بن ثور، جعل له عمر رحمه الله رياسة بكر، فلما أسن مجزأة فعل عثمان بن عفان رضي الله عنه ذاك مع ابنه شقيق بن مجزأة، وقتل رحمه الله على شتر، هو والبراء بن مالك، وكانا من أبطال المسلمين".
٢ زيادات ر: "وهو بكر بن النطاح في أبى دلف".

<<  <  ج: ص:  >  >>