للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله:

سبي الحماة وابهتي عليها

إنما يريد: ابهتيها، فوضع ابهتي في موضع اكذبي فمن ثم وصلها بعلى.

والذي يستعمل في صلة الفعل اللام، لأنها لام الإضافة، تقول: لزيد ضربت ولعمرو أكرمت والمعنى: عمراً أكرمت، وإنما١ تقديره: إكرامي لعمرو، وضربي لزيد، فأجرى الفعل مجرى المصدر، وأحسن ما يكون ذلك إذا تقدم المفعول، لأن الفعل إنما يجيء وقد عملت اللام. كما قال الله جل وعز: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ} ٢. وإن أخر المفعول فهو عربي٣ حسن، والقرآن محيط بجميع٤ اللغات الفصيحة، قال الله جل وعز: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} ٥ والنحويون يقولون في قوله جل ثناؤه: {قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ} ٦: إنما هو: ردفكم. وقال كثير:

أريد لأنسى ذكرها فكأنما ... تمثل لي ليلى بكل سبيل

وحروف الخفض يبدل بعضها من بعض، إذا وقع الحرفان في معنى في بعض المواضع، قال الله جل ذكره: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} ٧، أي على ولكن الجذوع إذا أحاطت دخلت في، لأنها للوعاء، يقال: فلان في النخل. أي قد أحاط به. قال الشاعر٨:

هم صلبوا العبدي في جذع نخلة ... فلا عطست شيبان إلا بأجدعا

وقال الله جل وعز: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} ٩ أي عليه. وقال تبارك وتعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} ١٠ أي: بأمر الله. وقال ابن الطثرية:


١ ر: "فإنما".
٢ سورة يوسف ٤٣.
٣ ر: "فعربي".
٤ ر: "بكل".
٥ سورة الزمر ١٢.
٦ سورة النحل ٧٢.
٧ [طه: ٧١]
٨ هو سويد بن أبي كاهل. اللسان:٤:٢٦٧. وبأجدع. أي بأنف أجدع.
٩ سورة الطور ٣٨.
١٠ سورة الرعد ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>