للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضوان الله عليه: أتدرون ما يريد? يريد أن يقرب من وجهي فيعض أذني فيقطعها، فقال: أما والله لو أمكنني منها لاقتلعتها من أصلها! فقال الحسن: كلا والله. لأضربنك ضربة تؤديك إلى النار، فقال: لو علمت أن هذا في يدك١ ما اتخذت إلهاً غيرك، فقال عبد الله بن جعفر: يا أبا محمد، ادفعه إلي أشف نفسي إنك يا ابن أخي لتكحل عمك بملمولين٢ مضاضين٣، وقال قوم: بل قطع يديه ورجليه، وقال قوم: بل قطع رجليه، وهو في ذلك يذكر الله عز وجل. ثم عمد إلى لسانه فشق ذلك عليه، فقيل له: لم تجزع من قطع يديك ورجليك ونراك قد جزعت من قطع لسانك! فقال: نعم، أحببت أن لا يزال فمي يذكر الله رطباً، ثم قتله.

ويروى أن عليا رضي الله عنه أتي بابن ملجم وقيل له: إنا قد سمعنا من هذا كلاماً ولا٤ نأمن قتله لك? ثم قال علي رضوان الله عليه:

اشدد حيازيمك للموت ... فإن الموت لاقيكا٥

ولا تجزع من الموت ... إذا حل بواديكا

والشعر إنما يصح بأن تحذف اشدد فتقول:

حيازيمك للموت ... فإن الموت لاقيكا

ولكن الفصحاء من العرب يزيدون ما عليه المعنى، ولا يعتدون به في الوزن، ويحذفون من الوزن، علماً بأن المخاطب يعلم ما يريدونه. فهو إذا قال: حيازيمك للموت، فقد أضمر أشدد فأظهره، ولم يعتد.

قال: وحدثني أبو عثمان المازني قال: فصحاء العرب ينشدون كثيراً:


١ ر: "في يديك".
٢ الملمول: الحبل يكتحل به.
٣ أي جارين.
٤ ر: "فلا".
٥ الحيزوم: ما اشتمل عليه الصدر, يقال للرجل: اشدد حيازيمك, أي وطن نفسك على الأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>