قسطنطين غادر القسطنطينية لغادرها رجاله وعلى رأسهم قادته، ولكن قراره على الثبات جعلهم يثبتون.
وبعث قسطنطين رسلاً آخرين إلى إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وسائر بلاد الإفرنج يحملون الكتب إلى أمرائها وملوكها تبيّن لهم الخطر المحدق بالقسطنطينية ووجوب المبادرة إلى إرسال المعونة والنجدة قبل فوات الأوان.
وعمد الفاتح إلى تشديد الخناق على القسطنيطينية من ناحية السور القائم على ميناء (القرن الذهبي).
ولما رأى أنّ السفن الرومية الكبيرة القوية الراسية في الميناء والبالغ عددها نحو ثلاثين سفينة، قد عاقت سفنه الصغيرة الموجودة هناك عن تسديد ضرباتها إلى السور، كما وقفت حارسة قوية على السلسلة التي تسد مدخل الميناء، صمَّم على إغراق هذه السفن بطريقة جدية، فنصب على الهضاب الواقعة خلف (غلطه) مدافع جديدة ضخمة أخذت تقصف الميناء بشدَّة، وقد أصابت إحدى القنابل سفينة جنوية تجارية فأغرقتها في الحال. وذعرت بقية السفن الرومية ولاذت بأسوار (غلطه)، فأصبحت بنجوة من قصف المدفعية العثمانية.
واشتكى الجنويون إلى الفاتح من إغراق سفنهم وهم على الحياد حريصون على السلام، وكان الفاتح يعرف حقيقة أمرهم وموقفهم من القتال الدائر بينه وبين أهل القسطنطينية، فأجاب بأنه كان يجهل جنسية السفينة المغرقة وكان يحسبها تابعة للعدو، ووعدهم بالتعويض العادل فيما بعد.