وبالإضافة إلى ذلك، عقد السلطان الفاتح مؤتمراً حربياً في مقرّه حضره وزراؤه وكبار قادة جيشه والشيوخ والعلماء للنظر في الموقف الراهن وما يجب اتخاذه من مقرَّرات لمعالجته، وطلب الفاتح إلى الحاضرين أن يعلن كل منهم رأيه بصراحة وفي حرية تامة.
وأشار قسم من الحاضرين بالمبادرة إلى الهجوم العام فوراً على المدينة، قبل أن يتسرَّب اليأس إلى نفوس الجنود.
وقال الوزير العجوز خليل باشا:"إن الحميَّة والحماس شيء جميل يستحق الثناء والتقدير، ولكن يجب التريُّث والتبصُّر قبل الهجوم على قلعة قوية كالقسطنطينية، فقد حاصرت أكبر الجيوش في العالم هذه القلعة أكثر من سبع وعشرين مرة انتهت كلها بالخيبة والإخفاق. والمهم ليس ضرب الحصار على المدينة، بل الاستيلاء عليها، وقد مضى الآن أكثر من أربعين يوماً على حصارنا لها، وبذلنا في ذلك أغلى التضحيات وأفدحها، ولم تبدُ أية بارقة للنجاح؛ فالأنفاق التي حفرناها لم تجدنا شيئاً، والقلاع الخشبية حُرِقت، والمهندسون قُتلوا. وقد أشرت من قبل بدء الحصار، أن هذا العمل أمر عسير لن يحقق الغاية التي نريدها، وقد ظهر لكم الآن صدق قولي ورجاحة رأيي بعد أن مضى عليه أكثر من أربعين يوماً. وإذا أحسنَّا الغرض والظن واستولينا على القسطنطينية، فإن شعوب النصرانية في العالم كله ستتألَّب علينا وتزحف إلينا بجموع لا قِبَلَ لنا بها، ولن تدعنا حتى تسترد القسطنطينية من أيدينا. فخيرٌ لنا أن نقنع بجزية كبيرة نطلبها من قسطنطين ونرفع الحصار عن المدينة ونعود إلى ديارنا في الوقت الذي نستطيع أن نفعل ذلك بأمان".