"يا صاحب السلطنة! أمَّا وقد سألتني رأيي، فلأعلنها كلمة صريحة: يجب علينا أن تكون قلوبنا قوية كالصخر، ويجب أن نواصل الحرب دون أن يظهر علينا أقل ضعف أو خور. لقد بدأنا أمراً، فواجب علينا أن نتمَّه، ويجب أن نزيد هجماتنا قوة وشدة، ونفتح ثغرات جديدة وننقضّ على العدو بشجاعة. لا أعرف شيئاً غير هذا، ولا أستطيع أن أقول شيئاً غير هذا".
وبدت على وجه الفاتح أمارات البِشْر والانشراح لسماع هذا القول، والتفت إلى القائد طرخان يسأله رأيه، فأجاب على الفور:"إن زغنوس باشا قد أصاب فيما قال، وأنا على رأيه يا سلطاني". ثم سأل الشيخ آق شمس الدين والمولى الكوراني عن رأيهما، وكان الفاتح يثق بهما كل الثقة، فأجابا: إنهما على رأي زغنوس باشا، وقالا:"يجب الاستمرار في الحرب، وبالعناية الصمدانية سيكون لنا النصر والظفر".
وسرت الحمية في جميع الحاضرين، وابتهج السلطان الفاتح واستبشر بدعاء الشيخين بالنصر والظفر، ولم يملك نفسه من القول:"مَن كان من أجدادي في مثل قوتي"؟!
والواقع أن الفاتح لم يقل هذا القول تفاخراً ومباهاة، بل قاله لرفع معنويات قادته العسكريين وقادته السياسيين وقادته الدينيين.
ومع ذلك فهو صادق في تقدير قوته، إذ كان يتفوَّق على أجداده بعدد رجاله وضخامة مدفعيته وبأسطوله البحري.
وانفرد الفاتح بعد المؤتمر بوزيره زغنوس باشا وقال له: "يجب ألا نضيّع شيئاً من الوقت، فقد دكّت الأسوار، وأعدت العدة للهجوم،