للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتخيّرنا مواضعه؛ فاذهب إلى الجنود وأخبرهم أن ساعة الهجوم قد أزفت، وانظر أثر هذا القول فيهم، وارجع به إليّ".

وذهب زغنوس باشا إلى المعسكر، وجمع الجند حوله، وقال لهم:

"إن سلطاننا المعظَّم يرى أنَّ الحصار والغارات التي دامت سبعة أسابيع كافية، وآن أوان الهجوم العام، ولا أدري متى يصدر أمره به، وأظنَّه قريباً جداً .. لقد حانت الساعة لكي تُظهروا شجاعتكم وبسالتكم في هذا الهجوم، ولا ريب في أنه يحتاج إلى أعظم الجهد وأكبر التضحيات، فهل أنتم مستعدُّون

ولم يكد زغنوس باشا يلقي سؤاله، حتى جلجل هذا المعسكر الواسع المترامي بدويّ كهزيم الرعد، وهتف الجند بصوت واحد: "الله أكبر ... الله أكبر".

وعاد زغنوس باشا إلى الفاتح ليخبره بما رأى وسمع، فاطمأنَّ السلطان إلى أن رجاله عند حسن ظنّه، وأنَّ معنوياتهم عالية جداً، وأنهم مستعدُّون للتضحية والفداء.

وفي يوم الأحد الثامن عشر من جمادى الأولى السابع والعشرين من مايس (مايو) أمر الفاتح جنوده بالصيام تطهيراً وتزكية للنفوس وتقوية للعزيمة والإرادة.

وزار الفاتح في ذلك اليوم سور القسطنطينية من بحر (مرمره) إلى القرن الذهبي يستطلع أجزاءه بدقّة ويتفحَّص ما أحدثته المدفعية فيه من ثغرات، والمواضع التي لا تزال تحتاج إلى الدكّ والهدم منه.

ولم تنقطع المدفعية طوال ذلك اليوم واليوم التالي عن قصف

<<  <   >  >>