وكان هجوم الانكشارية يزداد عنفاً وشدَّة في هذه المنطقة، وارتقى كثير منهم أنقاض السور، وثبتوا أقدامهم فيها. واشترك السلطان الفاتح بنفسه في هذه المرحلة الأخيرة من الصراع، فاجتاز الخندق بحصانه، وأخذ يدير القتال بنفسه.
ولم يمضِ وقت طويل على انسحاب جستنيان وتولّي قسطنطين مكانه في القيادة بمنطقة (طوب قبو)، حتى انطلقت من الجهة الشمالية للسور صيحات عالية مفزعة ما لبثت أن سرت في جميع أنحاء المدينة وهي تدوي: لقد دخل العثمانيون المدينة ...
والتفت قسطنطين إلى الشمال، فإذا الأعلام العثمانية ترفرف على بعض الأبراج القريبة من باب (أدرنه).
وكان يقود القوات العثمانية في هذه المنطقة (قره جه بك)، وقد حاول من قبل ذلك اقتحام هذا الباب فأخفق، فجمع قواته وشنَّ عليه هجوماً آخر أشدّ عنفاً وقوة، فزحزح المدافعين عن أماكنهم، ووثب جنوده على أنقاض السور المتراكمة إلى جنوب هذا الباب، وتمكَّن أحدهم من قتل قائد الحامية، وبمقتله انهارت مقاومة المدافعين، فولّوا هاربين وتدفَّقت جموع العثمانيين نحو المدينة.
فلما رأى قسطنطين الأعلام العثمانية المرفرفة، أطلق العنان لفرسه واتَّجه نحو الشمال ليستخبر عن الأمر بنفسه، فإذا جموع العثمانيين تتدفَّق إلى المدينة كالسيل. ونزل قسطنطين عن حصانه، وخلع ملابسه الامبراطورية وسلَّ سيفه وأخذ يخبط به ذات الشمال