وفي أثناء الاحتفالات خطب الشيخ العالم الورع آق شمس الدين الذي شحن الجنود بطاقاتٍ دينيةٍ مذهلةٍ في أيام الحصار، فقال:"يا جنود الإسلام! اعلموا واذكروا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في شأنكم:(لتفتحنَّ القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش)، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا ويغفر لنا جميعاً. أَلا لا تسرفوا ما أصبتم من أموال الغنيمة ولا تبذروا، وأنفقوها في البر والخير لأهل هذه المدينة، واسمعوا لسلطانكم وأطيعوه وأحِبُّوه"، ثم التفتَ إلى الفاتح وقال له:"يا سلطاني! لقد أصبحتَ قرَّة عين آل عثمان، فكن على الدوام مجاهداً في سبيل الله"، ثم صاح مكبِّراً بصوتٍ جهوري جليد (١).
وقد اهتدى الشيخ آق شمس الدين بعد فتح القسطنطينية إلى قبر الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري بموضعٍ قريبٍ من سور القسطنطينية، فأمر السلطان الفاتح ببناء المسجد والحجرات والقبَّة على ذلك الموضع. وما إن تمَّ بناء المسجد حتى قصد إليه السلطان وأدَّى فيه الصلاة. وهناك نهض الشيخ آق شمس الدين وسلَّم إليه سيفاً عظيماً، وجرت السنَّة بعد ذلك أن يكونَ تقليد السلطان الجديد وتنصيبه في ذلك المسجد.
وبعد ذلك الفتح المبين أُطلقت على السلطان محمد الثاني كنية (أبو
الفتح).
وقد أثار فتح القسطنطينية أشدَّ الفزع والرعب بين أهل (غلطه)، وكانت هذه المدينة أثناء الحصار تعمل بوجهين، وتنافق الفريقين