المتقاتلين على السَّواء، فكانت تقدِّم معونتها إلى الفاتح وتنقل إليه أسرار الروم العسكرية، وفي نفس الوقت كانت تنقل إلى الروم أسرار العثمانيين العسكرية وترسل جنودها إلى القسطنطينية للدفاع عنها (١)، وتَزويد المحاصَرين بالمواد التموينية والأسلحة.
وكان الفاتح على علمٍ بكل ما كانت تفعله (غلطه) ضدَّه أثناءَ الحصار، ولكنَّه آثرَ الإغضاءَ إلى أن تواتيهُ الفرصة المناسبة، فلما فتح القسطنطينية رأى حاكم (غلطه) أن يتفادى الاصطدام بالعثمانيين في حربٍ لا قِبَلَ له بها، فبعث إلى السلطان الفاتح في نفس اليوم الذي فُتحت فيه القسطنطينية وفداً يحمل الهدايا ومفاتيح (غلطه) ويلتمس منه عطفه وأريحيَّته، وطلب الحاكم إلى السكان ألاَّ يقلقوا ويظلوا هادئين رابطي الجأش، وأمر السفينة الراسية في الميناء أن تبقى في أماكنها، وكان الحاكم يرمي من وراء ذلك كله أن ينال أفضلَ ما يمكن نيله من الشروط والمزايا.
وجاء زغنوس باشا إلى (غلطه) فأمَّن أهلها باسم السلطان وهدَّأ روعهم، غير أن قسماً من الناس تسللوا في جنح الليل وفرُّوا على السفن، فغضب السلطان الفاتح لذلك، وذكر للوفد الجنوي أنه كان على علم تام بأعمال سكان (غلطه) ومعاونتهم لأهل القسطنطينية أثناء الحصار، وأن ذلك نقض للعهد وخروج على الحياد؛ فطلبوا الصفح من السلطان، وتضرَّعوا إليه في ذلك حتى رضي وعفا عنهم، وأمَّن أهل (غلطه) على حياتهم وأموالهم.