للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم تلبث أن تحولت فكرة قتال العثمانيين إلى قتال المسلمين كافة وغزو بلادهم انتقاماً للقسطنطينية (١).

أما النصارى الذين كانوا يجاورون السلطان الفاتح أو يتاخمونه في (طرابزون) و (آماسيا) وبلاد (الموره) و (لسبوس) وغيرها، فقد اضطرهم قربهم من الفاتح أن يكتموا شعورهم الحقيقي، فتظاهروا بالفرح وبعثوا وفودهم إلى السلطان في (أدرنه) لتهنئته على انتصاره العظيم، وكان في مقدمة هؤلاء المهنئين رسل حاكمي (الموره) أخوي الإمبراطور قسطنطين.

ولم يجد السلطان الفاتح بدّاً من مواصلة الحرب إزاء الثورة العارمة والسخط الشديد في أوروبا، فاستطاع أن يقضي على كل الدول النصرانية القريبة من (بيزنطة)، فقضى على قوات البلقان والبلغار، وهزم المجر هزيمة ساحقة.

عند ذلك بدأت أوروبا تنصرف عن حرب العثمانيين، إذ وجدت أن بُعد المسافة وسوء المواصلات في ذلك الوقت، يحول دون قتال


(١) يقول المؤرخ ابن تغري بردي في كتابه: (حوادث الدهور): "وفي هذا الشهر (ربيع الآخر ٨٦١ هـ - مايس - مايو - ١٤٥٧ م) وردت الأخبار من الإسكندرية وغيرها من بلاد الساحل، أن الإفرنج عمرت نحو ثلاثمئة مركب لغزو سائر سواحل الإسلام من الروم إلى الإسكندرية ودمياط مكافأة لأخذ السلطان محمد بن عثمان اسطنبول من الإفرنج خزاهم الله، فلم يلتفت السلطان لهذا الخبر لعزة شوكة الإسلام ونصرته إن شاء الله إلى يوم القيامة". والواقع أنه بعد ذلك بقليل وصل إلى الشرق أسطول صليبي وأخذ يُغِير على المدن الإسلامية في شواطئ آسيا الصغرى ويخربها، ولكنه اقتصر على ذلك ولم يتعدَّه إلى المدن الإسلامية. انظر الهامش رقم ١ في ص ١٠٥ من كتاب: محمد الفاتح.

<<  <   >  >>