للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العثمانيين. وظهر واضحاً أن هذه الاتفاقيات ووحدة الصف المسيحي لو تمَّت؛ فإنها لا تستطيع قهر العثمانيين أو التغلُّب عليهم، وبخاصة بعد معركة (نيكوبوليس) التي دافع فيها العثمانيون عن مركزهم بنجاح أذهل ملوك أوروبا وأمراءها وشعوبها، وكانت نتيجة هذه المعركة خيبة أمل المسيحيين بدرجة لم يعد معها من السهل استثارة الأوروبيين من جديد لحرب المسلمين. كما أن هذه الحملات كانت تستلزم جمع المال الوفير للاستعداد للحرب، ولتحرير الأسرى بعد الحرب، ولم يعد الأوروبيون يطمئنون بسهولة إلى إنفاق أموالهم في حملات غير مضمونة النتائج ولا مأمونة العواقب. ولكن بالرغم من ذلك لم تكن البابوية زعيمة المسيحية لتنصرف إلى اليأس أو تخلد إلى السكون، فكانت تخشى اعتداء العثمانيين على البلاد المجاورة لهم والتي تخضع للنفوذ البابوي الديني، فحوّلت البابوية الفكرة الصليبية من محاولة انتزاع الأرض المقدسة من المسلمين إلى صراع دفاعي هدفه إنقاذ أوروبا الكاثوليكية من العثمانيين. لذلك حاول البابا بيوس الثاني بكل ما أوتي من مقدرة خطابية ومهارة سياسية تأييد الفكرة الصليبية الجديدة، وحاول توحيد أوروبا ضد العثمانيين.

فقد حاول أولاً أن يقنع العثمانيين باعتناق الدين المسيحي، ولكنه لم يرسل البعثات التبشيرية لذلك الغرض إلى القسطنطينية أو إلى (أدرنه) وبلاد العثمانيين الأخرى، بل اكتفى بإرسال خطاب إلى السلطان الفاتح يطلب منه أنْ يعضد المسيحية كما عضدها من قبله قسطنطين وكلوفيس، وأن يكفِّر عن خطاياه باعتناق المسيحية ويُخلِص لهذا الدين.

<<  <   >  >>