وبالطبع كانت محاولته هذه عبثاً من العبث، وأكبر الظن أنه كان يعلم مقدماً بأن الفاتح لا يوافق على هذه الدعوة ولا يعتبرها دعوة جدّيّة تستحق أقل الاهتمام.
ولما أخفق البابا في محاولته هذه، لجأ إلى خطة التهديد والوعيد واستعمال القوة، وذلك عن طريق إقناع الدول المسيحية بتكوين حملة صليبية جديدة ضد العثمانيين؛ ولكن الدول الأوروبية والجمهوريات الإيطالية لم تنفذ هذا المشروع بالرغم من الخطر الذي يهدد معظمها، وبالرغم من أن القيام بحملة صليبية مازالت من المثل العليا الأوروبية.
فقد وعدت بعض الدول بالاستعداد لتحقيق فكرة البابا، وعندما جاء وقت العمل اعتذرت دول عديدة بكثرة مشاغلها ومتاعبها الداخلية، وانتهى الأمر باتفاق الملكيات الأوروبية والجمهوريات الإيطالية في (لودي) على الاتحاد ضد العثمانيين وذلك في عام (١٤٥٤ م)، ولكن ذلك الاتفاق سرعان ما تحطَّم، فقد انفصلت (البندقية) عن الاتحاد وعقدت معاهدة صداقة وحسن جوار مع العثمانيين رعاية لمصالحها التجارية وغيرها في الشرق الأدنى، وقامت الحرب على قدم وساق في شبه الجزيرة الإيطالية، واهتم الكاثوليك باضطهاد أتباع (يوحنا هوس) أكثر من اهتمامهم بمحاربة المسلمين. وكانت إنكلترا منهمكة في مشاغلها الدستورية وحروبها الأهلية. أما فرنسا فقد خرجت من حرب المئة عام وهي في حالة داخلية لا تسمح لها بإشعال حرب ضد العثمانيين، كما كانت إسبانيا تناضل في ذلك الوقت في سبيل وحدتها القومية ضد المسلمين في الأندلس.