للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصار يذاكره في المسائل الفلسفية وغيرها، وقد شرح الله صدر هذا الفيلسوف فيما بعد ودخل في الإسلام.

وكان السلطان الفاتح يتطامن صاغراً متخشعاً أمام العلماء وأهل الورع والتقى، ويستشيرهم في أخطر أموره، وينصت إلى نصائحهم ويتقبَّلها بقبول حسن، وينفذ تعاليمهم نصّاً وروحاً.

حدث بعد فتح القسطنطينية أن دخل السلطان الفاتح على الشيخ الزاهد المتصوِّف آق شمس الدين في خيمته وهو مضطجع فلم يقم له.

وقبَّل السلطان الفاتح يد الشيخ وقال: "جئتك لحاجة عندك"، قال: "ما هي"؟ قال الفاتح: "أريد أن أدخل الخلوة عندك أياماً". قال الشيخ: "لا"! فأعاد عليه السلطان هذا الطلب مراراً والشيخ يقول: "لا"! فغضب السلطان الفاتح وقال: "إن واحداً من الأتراك يجيء إليك وتدخله الخلوة بكلمة واحدة"؟ فقال الشيخ: "إنك إذا دخلت الخلوة، تجد هناك لذَّة فتسقط السلطنة من عينك وتختلّ أمورها فيمقت الله إيانا. والغرض من الخلوة تحصيل العدالة، فعليك أن تفعل كذا وكذا ... " وذكر ما بدا له من النصائح؛ ثم أرسل إليه الفاتح ألفي دينار، فلم يقبلها الشيخ. وقام السلطان الفاتح، فودَّعه الشيخ وهو مضطجع على جنبه كما كان، ولما خرج السلطان الفاتح قال لابن ولي الدين: "ما قام الشيخ لي"، وأظهر التأثُّر من ذلك، فقال ابن ولي الدين: "إن الشيخ شاهد فيكم الغرور بسبب هذا الفتح الذي لم يتيسَّر للسلاطين العظام، وإن الشيخ مُرَبٍّ فأراد بذلك أن يدفع عنكم الغرور". وبعد يوم دعا الشيخ آق شمس الدين في الثلث الأخير من الليل، فبادر إليه الأمراء يقبِّلون يد الشيخ. قال الشيخ: "وجاء

<<  <   >  >>