إليه يفهم أن المنع من جانبك فيقع بينكما عداوة". فاستحسن قايت باي هذا الكلام، وأعطاه مالاً جزيلاً، وهيَّأ له ما يحتاج إليه من حوائج السفر، وبعث معه هدايا عظيمة إلى السلطان الفاتح (١).
وحين وصل المولى الكوراني إلى القسطنطينية، أسند الفاتح إليه القضاء ثم الإفتاء، وأجزل له العطاء، وأكرمه إكراماً لا مزيد عليه.
وكان العلماء والشيوخ يصحبون الفاتح في غزواته وحروبه، فكانوا في كل ميدان من ميادين القتال في طليعة الجيش إلى جانب السلطان: يثيرون الحمية الدينية، ويتلون على الجنود آيات الجهاد والنصر، ويقاتلون كما يقاتل الجنود، ويضربون لهم أروع الأمثال في الشجاعة والإقدام.
وقد دأب محمد الفاتح منذ كان أميراً على (مغنيسيا) على مراسلة العلماء والمثقَّفين من الأمراء في فارس ومصر والعراق والهند وغيرها.
وبقي الفاتح على هذه السنَّة الحسنة بعد تولِّيه السلطنة، وضاعف ما كان يسبغه على العلماء والأدباء من تكريم ورعاية ومنح، فكان يرسل إلى خوجه جهان أول كتَّاب الهند في زمانه ألف دوقة في كل عام، وكذلك إلى المولى عبد الرحمن الجامي من أعاظم علماء وشعراء فارس في ذلك العهد.
وممن كان يكاتبهم السلطان الفاتح من علماء مصر الشيخ محمد بن سليمان المحيوي المعروف بالكافياجي، وهو أستاذ السيوطي العالم المصري المعروف، وقد أثنى عليه العلماء والمؤرخون المصريون