للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثناءً عظيماً لعلمه وفضله وخلقه وورعه (١) وكان الفاتح يكاتبه ويهدي إليه الهدايا السنية.

وما سمع السلطان الفاتح قطّ عن عالم في مملكته أصابه عوز وإملاق إلا بادر إلى مساعدته ومنحه ما يستعين به على الحياة والعيشة الرضيَّة. بل إنه جعل للعالم الذي يعتزل عمله لسبب من الأسباب راتباً خاصاً يُعرف بـ (راتب التقاعد) يستعين به على تكاليف الحياة صوناً له عن ذلّ السؤال وصوناً للعلم أن يمتهن، ولا يقلّ هذا الراتب في كثير من الأحيان عن الراتب الذي كان يتقاضاه في أثناء عمله.

وكان من أثر ما أفاضه السلطان محمد الفاتح على العلم وأهله من رعاية سابغة وتقدير كريم وبذل سخيّ، أن توافد إلى رحابه العلماء والأدباء والشعراء والفنانون من كل حدب وصوب، واجتمع في بلاده من جميع هؤلاء عدد عديد من العرب والترك والفرس والروم واللاتين.

وكان السلطان الفاتح يقضي الأوقات التي يستجم فيها بالقسطنطينية من الحروب في عقد المجالس العلمية والأدبية، فيباحث العلماء في المسائل العلمية ويعقد بينهم المناظرات المختلفة. وقد يشتدّ وطيس بعضها وتمتدّ عدة أيام.

وجرت عادة الفاتح في شهر رمضان أن يستحضر إلى قصره بعد صلاة الظهر جماعة من العلماء المتضلّعين في تفسير القرآن، فيقوم في كلّ


(١) السخاوي: الضوء اللامع. وابن إياس: تاريخ مصر. والسيوطي: بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة.

<<  <   >  >>