للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد كان السلطان الفاتح بطبعه بحاثة طالباً للعِلم محبّاً للعلماء شديد الكلف بالعلوم التطبيقية (١) والعلوم الدينية بخاصة.

وكان مسلماً صادق الإسلام، مؤمناً قوي الإيمان، وكان أول ما رضع من لبان العلم والمعرفة في صغره هو القرآن الكريم. وكان أثناء وجوده في القسطنطينية لا تفوته صلاة الجماعة بالمسجد الجامع، وكانت خطبه في السلم والحرب تفيض حمية ونخوة على الدين الحنيف.

وقد كان لفتح القسطنطينية حوافز كثيرة ذكرنا قسماً منها، ولكن الحافز الديني كان له مكان عظيم في نفس محمد الفاتح دفعه إلى الاستقتال في الحرب والإصرار على الفتح. وقد ذكر الفاتح هذا الحافز في كلماته قبل المعركة وفي أثنائها وبعدها، وعزم على أن يفوز بتحقيق البشارة النبوية في الحديث الشريف: "لتفتحنَّ القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش جيشها" (٢).

وهذا الحديث الشريف يطالعك مكتوباً في أبرز مكان من مسجد الفاتح في القسطنطينية الذي بناه الفاتح وحرص على تتويجه بهذا الحديث النبوي الشريف.

وكان سعيداً أعظم السعادة بفتح القسطنطينية، لأنه استبشر بهذا الحديث النبوي الشريف، كما استبشر المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بتحقيق هذه البشارة النبوية.


(١) استفاد الفاتح من المهندسين في تطوير أسلحته وبخاصة المدفعية وابتكار أسلحة جديدة، ولعلَّه أول من بذل جهده لابتكار المدفعية الضخمة ذات القنابل الشديدة الانفجار.
(٢) ورد في أسد الغابة لابن الأثير، وفي الإصابة لابن حجر العسقلاني.

<<  <   >  >>