للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرشوة والمرتشين بشدة.

وكان الفاتح شديد الحرص على العدالة الدقيقة الحازمة في كل جزء من أجزاء مملكته، شديد الحرص على تحقيق الرفاهية والرخاء لجميع رعاياه.

وكان عند خروجه إلى بعض الغزوات والحروب كثيراً ما يتوقف في بعض أطراف مملكته ويأمر بنصب خيامه ليجلس بنفسه للمظالم، ويرفع إليه من يشاء من الناس شكواه ومظلمته.

وكان مما قصد إليه الفاتح من تعلم اللغات الأجنبية كاللاتينية والرومية أن يتمكن من الاتصال المباشر بشعوبه العديدة ذات اللغات المختلفة ويقف على أحوالها بنفسه.

وقد عني الفاتح بوجه خاص برجال القضاء الذين يتولون الحكم والفصل في أمور الناس، فلا يكفي في هؤلاء أن يكونوا من المتضلعين في الفقه والشريعة ومن المتصفين بالإنصاف والنزاهة والاستقامة وحسب، بل لا بد إلى جانب ذلك أن يكونوا موضع تجلة واحترام بين الناس، وأن تُكفى مؤونتهم المادية كفاية تامة، سدّاً لسبل الإغراء والرشوة؛ فوسَّع لهم الفاتح في المعيشة كل التوسعة، وأحاط منصبهم بهالة مهيبة من الحرمة والجلالة والقداسة.

أما القاضي المرتشي، فلم يكن له عند السلطان من جزاء غير القتل.

وكان كثيراً ما يعس بالليل ويجوب الطرقات والدروب، ليتعرَّف أحوال الناس بنفسه، ويتسمَّع إلى شكاواهم.

<<  <   >  >>