والقادة المنتصرون كانوا يحرصون أن يكون إلى جانبهم في الميدان أشهر العلماء العاملين، وقد مرت بنا فيما سلف أسماء قسم من هؤلاء العلماء الأجلاء.
هذه العقيدة الراسخة التي كان يتحلى بها القادة، وأولئك العلماء الأعلام الذين كانوا وراء أولئك القادة، جعل القادة الفاتحين والمنتصرين يقودون رجالهم من (الأمام)، يقولون لهم:"اتبعونا"، ولا يقودون رجالهم من (الخلف)، يقولون لهم "تقدموا إلى الأمام"، ثم يستأثرون بالأمن والدعة والراحة.
وهذا الإقدام، وهذه الشجاعة، أثر من آثار العقيدة الراسخة، تلك العقيدة التي يستثير كوامنها العلماء العاملون والشيوخ المجاهدون.
كتب عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - إلى عبد الرحمن بن نعيم:"إن العمل والعلم قريبان، فكن عالماً بالله عاملاً له؛ فإن أقواماً علموا ولم يعملوا، فكان علمهم عليهم وبالاً"(١).
والعالم بدون عمل، كالتربة الخصبة بدون زرع؛ والعمل أهم من العلم، وربّ عالم يبهر الناس بعلمه ولكنه لا يعمل بهذا العلم، أفضل منه الذي يعمل بعلمه القليل.
والشيطان أعلم العلماء، ولكنه يضر ولا ينفع؛ وأي عامل يفيد بعمله ولا يضر، أنفع للمصلحة العامة من أعلم العلماء بدون عمل.