عظيم في السياسة الدولية، وتأثير حاسم في الملوك والأباطرة والرؤساء والأمراء وذوي السلطان، ولكنه كان يخضع خضوعاً كاملاً للعلماء العاملين، لأنهم ورثة الأنبياء، وقد لمس أثرهم في جيوشه وتأثيرهم في نفوس رجاله، وعزوفهم عن الدنيا، وحبهم للخير، وحرصهم على النصر، فكانوا له خير عون في السلام والحرب.
وقد استشهد قائد القضاة وقاضي القادة أسد بن الفرات في ميدان الشرف، وطلب ابن تيمية الشهادة في معارك كثيرة، ولكن الله سبحانه وتعالى كرّمه بالجروح ولم يكرمه بالشهادة.
وأمثال أسد بن الفرات والعز بن عبد السلام وابن تيمية من العلماء العاملين كثير، وقد كان لهم أثر حاسم في إحراز النصر.
وإذا كان القائد العسكري هو المسؤول الأول عن قيادة جيشه من القضايا السوقية والتعبوية والإدارية، أو بمعنى آخر المسؤول الأول عن الناحية المادية في الجيش؛ فإن العالم العامل، هو المسؤول الأول عن القضايا الدينية، أو بمعنى آخر المسؤول الأول عن الناحية المعنوية.
والناحية المعنوية في كل جيش لا تقل أهمية عن الناحية المادية، إذ لا ينتصر جيش لا يتحلى بالمعنويات العالية - كما هو معروف.
إن حاجة العرب والمسلمين اليوم إلى علماء عاملين، لا تقل عن حاجتهم إلى قادة ماهرين؛ وأهمية أطباء الروح لا تقل عن أهمية أطباء البدن.