أدب الله عباده بآداب كثيرة، وهذه الآداب حلية المسلمين تزين نفوسهم الباطنة، وأفعالهم الظاهرة، وآداب النفوس الباطنة هي مكارم الأخلاق، وآداب النفوس الظاهرة تتحقق "باستعمال ما يحمد قولًا وفعلًا ... ، والأدب مأخوذ من المأدبة وهي الدعوة إلى الطعام، سمي بذلك لأنه يدعى إليه"(١) وسنشير إشارات موجزة، إلى أهم الآداب الشرعية التي تتعلق بالأقوال والأفعال، ثم نتحدث بعد ذلك عن الأخلاق.
المَبحَث الأول برُّ الوالدين
أمرنا الله أن نبر آباءَنا، وجعل حق الوالدين في مرتبة تالية لحقه، فالوالدىن هما السبب الذي شاء الله أن يوجدنا من خلاله، وقد عانيا في سبيل ذلك عناءً كبيرًا، ولاقيا صعابًا جمة، وخاصة الأم التي حملت وليدها كرهًا ووضعته كرهًا، وقد أمرنا بإكرامهما، وتنفيذ رغباتهما، وخفض الجناح لهما، والدعاء لهما {وَبِالْوَالِدَينِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (٢٣) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (٢٤)} [الإسراء: ٢٣، ٢٤].