أعاد محمد بن يعقوب الفيروز آبادي جميع الأخلاق إلى أربعة وهي: الصبر، والعفّة، والشجاعة، والعدل.
والسرّ في ذلك أن الصبر يحمل صاحبه -كما يقول الفيروز آبادي- على الاحتمال وكظم الغيظ وإماطة الأذى، والحلم، والأناة، والرفق، وعدم الطيش، والعجلة.
والعفة تحمله على اجتناب الرذائل والقبيح من القول والفعل، وتحمله على الحياء وهو ركن كل خير، وتمنعه من الفحش والبخل والكذب والغيبة والنميمة.
والشجاعة تحمله على عزة النفس وإيثار معالي الأخلاق والشيم، وعلى البذل والندى الذي هو شجاعة النفس وقوتها على إخراج المحبوب ومفارقته، وتحمله على كظم الغيظ والحلم، فإنه بقوة نفسه وشجاعتها يمسك عنانها ويكبحها بلجامها عن السطوة والبطش، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب"، وهذه هي حقيقة الشجاعة، وهي ملكة يقتدر بها على قهر خصمه.
والعدل -كما يقول الفيروز آبادي- يحمل صاحبه على اعتدال أخلاقه، وتوسطه بين طرفي الإفراط والتفريط، فيحمله على خلق الجود والسخاء، الذي هو توسط بين الإمساك والتقتير، وعلى خلق الحياء الذي هو توسط بين الذلة والقحة، وعلى خلق الشجاعة الذي هو توسط بين الجبن والتهور، وعلى خلق الحلم الذي هو توسط بين الغضب والمهانة، والتوسط منشأ جميع الأخلاق الفاضلة من هذه الأربعة. (١)