وأقام المسلمون اقتصادهم عبر التاريخ الإسلامي بعيدًا عن هذا الداء العضال، ولكنهم في هذا العصر أقاموا صرح الاقتصاد على أساس من الربا، بفعل أعداء الإسلام الذين استعمروا ديارنا وعقولنا ومناهج التعليم في ديارنا، وإنك واجد - حيث سرت في ديار الإسلام - البنوك الربوية تقوم شامخة البنيان تتحدى أحكام الله المحرمة للربا، وإذا نظرت إلى الصحف والمجلات والإذاعة والتلفاز رأيت الدعاية إلى الربا المحرم تكاد تملأ آفاق الأمة الإسلامية وتنتشر فيه انتشار الغبار الذي يغطي جو الأرض ويصل إلى كل شيء، أضف إلى ذلك أن الربا يدرس في مدارسنا وجامعاتنا، ويتعامل فيه كثير من رجالنا.
والأمّة كلها مطالبة بأن تتقي الله في أنفسها وأموالها، وأن تجتنب هذا الطريق الذي حرم الله سلوكه، وإلا أصابها البلاء.
[تعريف الربا]
الربا في اللغة الزيادة والنماء، وفي الاصطلاح هو ما نسميه اليوم بالفائدة، وهي الزيادة الكائنة على رأس المال المقترض، ويعرفه الفقهاء بقولهم:"الربا في الشريعة عبارة عن فضل مال لا يقابله عوض في معاوضة مال بمال".
والدليل على أن المال الزائد على رأس المال ربا قوله تعالى:{وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ}[سورة البقرة: ٢٧٩].
فالتائب يأخذ رأس ماله، والزائد عن رأس المال ربا بنص الآية، ولا فرق بين أن يكون الزائد واحدًا في المائة أو عشرين في المائة، فكل زيادة قليلة أو كثيرة حرام، وهي ربا، والذي يمنعه القائمون على الاقتصاد هو الزيادة الفاحشة أما الزيادة المعقولة فإنها جائزة عندهم، ويدعون أن الربا هو الفائدة المرتفعة، أمّا