وهذه الجرائم كما قلنا من قبل لا يجوز إسقاط عقوبتها إذا رفعت إلى القاضي، وقد جعل الله إقامة العقوبات على مرتكبيها حقًّا لله وحده، فلا يجوز لأحد أن يعفو ويصفح، وما ذلك إلا لأنها جرائم خطيرة، إذا ترك أمرها للبشر فتساهلوا في إقامتها حصل من جراء ذلك فساد كبير، وقد حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - المسلمين من التهاون في إقامتها، وعدّ ذلك واحدًا من الأسباب التي أدت إلى ضلال الأمم السابقة، وهلاكها، وقد روت لنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن قريشا أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت، قالوا: من يكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن يجترئ عليه إلا أسامة، حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"أتشفع في حد من حدود الله"! ! ثم قام، فخطب، فقال:"يا أيها الناس، إنما ضل من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها" متفق عليه (١). وسنتناول حكم هذه الجرائم بشيء من الإيجاز.