للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هدفنا إلى المال كي يعيننا على تحقيق الهدف الكبير الذي نريد بلوغه، نحتاج إليه كي نقيم هذا الجسد الذي ركبت فيه أرواحنا، وتحتاج إليه في إعمار الأرض التي أمرنا الله باستعمارها، وتحتاج إليه ليقوم المجتمع على النحو الذي شرعه الله، فالمال في الإسلام وسيلة لا غاية، ولذلك حثنا الإسلام على أن نجعل المال خادمًا لا مخدومًا، وقد ذم الرسول - صلى الله عليه وسلم - عباد المال، "تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم، وعبد الخميصة إن أعطى رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش" (١).

المال في الإسلام زينة ومتاع، وزينة الدنيا ومتاعها زائلان، والقيمة الكبرى لمتاع الآخرة، ولذلك وجهنا القرآن إلى طلب الآخرة بهذا المتاع الذي أعطانا الله إياه {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [سورة القصص: ٧٧].

هذا هو منهج الإسلام، وهو مناف لمنهج عباد المال، كما أنه مناف لمنهج الرهبان والمتصوفين، الذين طلقوا الدنيا، وأعرضوا عن العمل وحيازة المال، فصادموا الفطرة الإنسانية، وأضروا بالمجتمعات التي انتشرت فيها هذه الأفكار.

[٩ - قيام الاقتصاد على أخلاق الإسلام وقيمه]

لقد قام النظام الإسلامي على إتاحة فرص العمل أمام جميع أفراد المجتمع الإسلامي، كما أباح التملك لهم على حدٍّ سواء، ولكنه لم يترك ذلك فوضى من غير حدود وضوابط.


(١) رواه البخاري وابن ماجة، صحيح الجامع: ٣/ ٤٥.

<<  <   >  >>