وهذا الذي زعمه أولئك الحكام نوع من أنواع الشرك الذي وقعت فيه الأمم النصرانية، وقد قال الله فيهم:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ}[سورة التوبة: ٣١].
وما اتخاذهم إياهم أربابًا إلا بطاعتهم حيث يخالفون حكم الله فيما يذهبون إليه.
أمَّا الإسلام فالحاكم فيه ليس مُنَصَّبًا من قبل الله كما تزعم النظريات الدينية النصرانية، وليس حرًّا في أن يقرر ما يشاء، الخليفة المسلم تنصبه الأمة المسلمة، وهو يلتزم بأحكام الشرع ولا يجوز له الحيدة عنها، وهو مسؤول أمام الأمَّة وأمام مجلس الشورى عن أعماله، فأين هذا مما عرف بالحكومة "الثيوقراطية" في عالم الغرب.
أمَّا ما دندنوا به من فساد بعض الحكام المسلمين عبر التاريخ الإسلامي، فنحن لا ننكر أنه كان في بعضهم شيء من ذلك، ولكن كان فيهم الأخيار الأبرار الصالحون الذين لا زالت الدنيا تتعطر بسيرتهم وذكرهم، وأخطاء أولئك ليست حجّة على الإسلام، بل الإسلام منها براء، ولقد وجد في المسلمين في كل عصر من أنكر باطل المبطل منهم، وقوّم المعوج من أعمالهم.
المبحث الأول الأَدلة عَلى اعتنَاء الإِسلام بهَذا الجانب
إننا إذ بينا الخلفية التي يصدر عنها أولئك الذين يزعمون أن لا سياسة في الدين - لم نقم الحجّة والبرهان على أن الإسلام شرع لنا إقامة سلطة سياسية تحكم