إذا كان الزواج بناء، فإن الطلاق هدم، والزواج شرع للحاجة، والطلاق قد تدعو إليه الحاجة، والزواج يحتاج إلى نظام يقوم به حتى تنضبط العلاقة بين الرجل والمرأة من خلاله، وحتى لا تفسد العلاقة غير المنضبطة الحياة الإنسانية، والطلاق يحتاج إلى نظام، لأن الذين يهدمون البيوت والعمارات غير الصالحة إذا لم يحسنوا الهدم أضروا بأنفسهم وأضروا بغيرهم.
إن الزواج اجتماع باتفاق وتراضي، وقد يتعين بعد اللقاء أن حياة الزوجين لا يمكن أن تستمر بحال من الأحوال، لاختلاف الأفكار والتصورات، أو لبغضاء وكراهيه تملأ قلب الواحد منهما على الآخر، أو لاعتبارات أخرى، وما دام الزواج تمَّ برضاهما فيمكن أن يقع الانفصال برضاهما أو بإرادة واحد منهما، وليس من العقل والحكمة والمنطق أن يلزم الإنسان أن يعيش مع آخر طيلة عمره، وهو يكرهه ويبغضه، وقد يصل الأمر -إذا ألزم بذلك- إلى قتله أو قتل نفسه ولما كانت الدواعي إلى الفرقة والانفصال قد لا تكون حقيقية فقد أمر الإسلام باتباع نظام معين، هذا النظام يقلل من نسبة الطلاق، ويوقف الفرقة الناشئة عن نزوة طارئة، أو كراهية وقتية، أو حالة نفسية عارضة.
إن الإسلام يأمر الرجل بالصبر على زوجه وإن رأى منها ما يكرهه، {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيرًا كَثِيرًا}[النساء: ١٩].