للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع الأدلة عَلى وجود الحق تبارك وتعالى

وجود الله تبارك وتعالى من أعظم الحقائق وضوحًا وظهورًا، ولكن العقل الإنساني قد يضل ويزيغ، حتى عن الحقائق الواضحة، وقد ادعى طوائف من البشر في القديم والحديث أن ليس لهذا الكون خالق، وأن الكون أزلي، وقد ناقش المؤمنون بالله الملحدين والزنادقة بأدلة كثيرة، وخير طريقة في الاستدلال هي طريقة القرآن، وطريقته لا تتوقف على الاستدلال الخبري، بل يقدم الأدلة العقلية السهلة الإدراك البعيدة عن التعقيد، بخلاف أدلة الفلاسفة والمتكلمين.

وسأورد بعض الأدلة المستخلصة من القرآن.

١ - دليل الفطرة:

يجعل القرآن التوجه إلى الله وحده، وعبادته لا شريك له، قضية فطرية مغروسة في أعماق النفس الإنسانية، وإذا كان توحيد الله أمرًا فطريًا، فمعرفته من باب أولى {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم: ٣٠].

والسبب في الإلحاد والشرك والكفر هو المؤثرات الخارجية التي تطرأ على الفطرة الإنسانية، ومن هذه الأسباب إضلال الشياطين، ففي الحديث القدسي "خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين، فأضلتهم عن دينهم"، (١) والبيئة المنحرفة تعمل عملها في إضلال الفطرة السليمة، ففي الحديث "ما من مولود يولد إلا على الفطرة، فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه" (٢).


(١) رواه مسلم في صحيحه.
(٢) رواه البخاري ومسلم.

<<  <   >  >>