والخلق دافع إلى الفضائل، ناه عن الرذائل، فالذي يستحيي من الله، يسارع إلى طاعته، ويبتعد عن معصيته، ويعبده حق عبادته، وفي سنن الترمذي:"استحوا من الله حق الحياء"، وفي الحديث أيضًا:"الحياء لا يأتي إلا بخير" متفق عليه، والحياء من الإيمان، ففي الحديث:"الإيمان بضع وسبعون، أو قال: بضع وستون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلّا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطويق، والحياء شعبة من الإيمان"، متفق عليه.
وفي الحديث الآخر، قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لرجل مر عليه كان يعظ أخاه في الحياء:"دعه فإن الحياء من الإيمان"، متفق عليه، وإذا كان الحياء دافعًا لكل خير، فالتجرد من الحياء يرفع الضوابط والقيود التي تمنع من ارتكاب الموبقات، والوقوع في الزلات، وفي الحديث:"إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت" رواه البخاري.
ولكن لا ينبغي أن يمنع المرءَ حياؤُه من فعل الخيرات، والنهي عن المنكرات، والاستفصال عن أمور الدين، وقد قالت أم سليم للرسول - صلى الله عليه وسلم - "يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ فقال: نعم، إذا رأت الماء" رواه البخاري.
٤ - الإيثار:
الإيثار تفضيل الغير على النفس في الخير، وهو درجة عالية لا تصل إليها إلا النفوس الكبيرة، ولقد تبدت هذه الصفة عند الرعيل الأول في صورة رائعة، وقد شهد لهم الحق تبارك وتعالى ببلوغ هذه المرتبة السامية {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}[الحشر: ٩].