للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبناءً على هذا التعريف لكلمة "حضارة يكون مصطلح الحضارة أوسع وأشمل من كلمة ثقافة، فالثقافة كما عرفنا هي أسلوب الحياة السائد في مجتمع ما، وهذا الأسلوب إنما هو ثمرة الصفات الخلقية، والقيم الإجتماعية، والمبادئ الروحية، والأصول العقائدية، فالثقافة على ذلك هي المحيط الذي يشكل طباع الفرد وشخصيته، أمّا الحضارة فإنها تضم إلى جانب هذا الرقي المادي الذي بلغه الفرد، وبلغته الأمّة.

ويرى بعض الباحثين أن مدلول الثقافة مساوٍ لمدلول الحضارة، فيشمل كل منهما الجانب المعنوي والجانب المادي.

ويرى فريق ثالث أن الحضارة تعني ما توصل إليه مجتمع ما من تقدم مادي في الصناعات والابتكارات والمخترعات والبناء والزراعة وغير ذلك، ولا يُعدُّونها إلى الجانب المعنوى في حياة الأمة (١).

وينبغي أن نلاحظ هنا أمرين، الأول: أن علاقة الثقافة بالحضارة مبنية على تحديد المعنى الاصطلاحي لكل منهما، فقد يكون الاصطلاحان متساويين، وقد يكون مدلول الحضارة أوسع, وقد يكون مدلول كل منهما مختلفًا عن الآخر، وقد قال العلماء قديمًا: لا مشاحَّة في الاصطلاح.

الثاني: أن العلاقة بين الثقافة والحضارة علاقة وثيقة، فإمّا أن تكون الحضارة والثقافة شيئًا واحدًا، فثقافة الأمّة وحضارتها بناء على ذلك تعني المستوى الرفيع الذي بلغته الأمّة في فكرها وتصوراتها وعقائدها وأخلاقها، وإمّا أن تكون الثقافة


(١) راجع في هذا المبحث كتاب: دراسات في الحضارة والمدنية للدكتور أحمد إبراهيم الشريف ص ١٩ طبعة - الفكر العربي - بيروت، وكتاب تاريخ الحضارة لأبي زيد شلبي ص ٧ - طبع مكبة وهبة القاهرة، وكتاب لمحات في الثقافة الإسلامية للدكتور عمر عودة الخطيب ص ٤٢.

<<  <   >  >>