٣ - إن البديل الذي وضعته القوانين الوضعية للعقوبات البدنية هو السجن، وعقوبة السجن تحتاج إلى تقويم، فقد أصبحت السجون مدارس وجامعات لا لإصلاح المجرمين بل إلى تخريج كبار المجرمين، فالمنحرف يدخل السجن فيختلط بكبار المجرمين، ثم يتخرج على أيديهم، ويصبح مجرمًا كبيرًا.
أضف إلى هذا أن العقوبة الشرعية لا تكلف الأمة إلا القليل من الوقت، أمَّا السجون فلها تكاليف باهظة في بنائها وتجهيزها، ثم في حراستها وحمايتها، ثم في تقديم الخدمة لمن نزل فيها، ومهما قامت الدول ببناء السجون فإنها تضيق بنزلائها، حتى الدول الكبرى أرهقها بناء السجون.
٤ - إن الذين يريدون إلغاء العقوبات الشرعية بحجة الرحمة بالمجرمين، نظروا إلى الموضوع بعين واحدة، أو نظروا إليه من زاوية واحدة، نظروا إلى المجرم فقط، ولكنهم أهملوا المجتمع الذي عاث فيه المجرمون فسادًا، هؤلاء لم يكترثوا بالدماء التي تسفك، والأعراض التي تنتهك، والأموال التي تنهب، والعقول التي تدمر، ولم يهتموا بالآثار الخطيرة التي تسببها الجريمة للصغار والكبار والرجال والنساء والأسر والمجتمعات، فكم من إنسان فقد النطق بل الحياة عندما فوجئ بمجرم يشهر عليه السلاح في منتصف الليل! وكم من مجتمع فقد الأمن بسبب كثرة الجريمة! !
٥ - من الذي يقول إن العقوبة البدنية لا تعالج نفس المجرم، إن العقوبة فيها صلاح للمجتمع كله بما فيه المجرم وفي ذلك يقول رب العزة {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧٩)} [سورة البقرة: ١٧٩].
في القصاص حياة لمن أراد القتل، فبخوفه من القصاص يحفظ نفسه، وبالقصاص يعصم من أراد قتله أيضًا، ومن هذا المنطلق أمر الشارع بأن يشهد