وإذا أنت رجعت إلى كتب الفقه الإسلامي وجدت الأبواب التي تبحث مسائل المال وتنظم أموره كثيرة جدًّا، تغطي مساحة هائلة في تلك الكتب، ومن هذه المباحث: البيوع، الإجارة، الشركات، الحوالة، الشفعة، الوكالة، العارية، الوديعة، الهبة، الوصية، العطية، الميراث، الحجر، الاحتكار، الزكاة، الخمس، الخراج، الميراث ... وغيرها، وهذه المباحث مرتكزة على النصوص من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهذه النصوص المنظمة لشؤون المال كثيرة جدًّا، وقد درس علماؤنا الواقع الاقتصادي في ضوء الكتاب والسنة، واستخرجوا القوانين والسنن التي تحكم هذا الواقع الاقتصادي وتسوده، وتجري بموجبها حادثاته، وهذا هو الذي يسميه علماء العصر: علم الاقتصاد.
وكون الإسلام يعني بعلم الاقتصاد أمر طبيعي لا مناص منه، لأن الإسلام منهج حياة الإنسان، وهو منهج متكامل فذ منزل من العلم الخبير، وأمور الاقتصاد من الأمور الهامة في حياة الإنسان، فما كان للإسلام وهو المنزل من عند العليم الخبير أن يهمل تنظيم هذا الجانب في حياة البشر.
وأمور المال تؤثر في حياة الفرد والمجتمع، والمال واحد من أهم العناصر لقيام التمدن الإنساني، فإذا قل المال أو اختل تنظيمه ودورانه في المجتمع - وقع تعثر في مسيرة ذلك المجتمع، وتوقف ارتقاؤه الحضاري، ووقعت فيه المشكلات التي تشغل بال حاكميه ومحكوميه ومفكريه، وفي كثير من الأحيان تصبح هذه المشكلات مزمنة تستعصي على العلاج كما هو الحال في المجتمعات المعاصرة، وقد عبر الإسلام عن أهمية أمر المال في المجتمع بتعبير فذ، قال تعالى:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا}[النساء: ٥].