للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصدق ما يوصف به نمط الحياة الذي تحياه الأمّة الإسلامية - أنّه صبغة إلهية، فأنماط الحياة عند غير المسلمين تحددها العادات والتقاليد والنظريات والمناهج التي يضعها مفكروها وعباقرتها، وتتفرد الأمّة الإسلامية دون غيرها بنمط إلهي، أصدق ما يقال فيه إنه صبغة إلهية، كما قال تعالى: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} [البقرة: ١٣٨].

فالله أنزل لنا دينا بين لنا فيه الحال التي ينبغي أن نكرن عليها في أحوالنا الظاهرة والباطنة، كما وضَّح لنا الغاية التي ينبغي أن نهدف إليها من وراء الحياة، لقد أوضح لنا ديننا الأسلوب الذي تنهجه الأمَّة الإسلامية في حياتها، وقد سماه القرآن الكريم الصراط المستقيم، وشرع لنا أن ندعوه أن يهدينا إليه في كل ركعة {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: ٦].

وهذا الطريق مخالف لطريق اليهود والنصارى والمشركين في القديم والحديث {غَيرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧].

ولم يتوف الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى اتضح الطريق والمنهج الذي تسير عليه الأمّة الإسلامية في حياتها، {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: ٢٥٦].

وقد سمى القرآن هذا الطريق أيضًا سبيل المؤمنين، قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥].

فسبيل المؤمنين كانت واضحة بينة، وهي التي سلكها الرسول - صلى الله عليه وسلم - واقتدى به أصحابه فيها عملا بقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب: ٢١].

وقد سار على ذلك النهج التابعون وأتباعهم، ومن شذَّ عن هذا السبيل عدَّ فاسقًا أو كافرًا بحسب المعصية التي يرتكبها، وهذا السبيل الإلهي الرباني سبيل ثابت،

<<  <   >  >>