بالمفصَّل على قدر اليد كالقفاز، وأما سترها بالكُمّ، وستر الوجه بالملاءه والخمار والثوب فلم يُنْهَ عنه البتة.
ومن قال: إن وجهها كرأس المحرم، فليس معه بذلك نص ولا عموم، ولا يصح قياسه على رأس المحرم لِمَا جعل اللَّه بينهما من الفرق.
وقول من قال من السلف: إحرام المرأة في وجهها إنما أراد به هذا المعنى، أي لا يلزمها اجتناب اللباس كما يلزم الرجل، بل يلزمها اجتناب النقاب، فيكون وجهها كبدن الرجل، ولو قُدِّر أنه أراد وجوب كشفه، فقوله ليس بحجة ما لم يثبت عن صاحب الشرع أنه قال ذلك، وأراد به وجوب كشف الوجه، ولا سبيل إلى واحد من الأمرين.
وقد قالت أم المؤمنين عائشة - رحمه الله -: «كنّا إذا مَرَّ بنا الركبان سدلت إحدانا الجلباب على وجهها»، ولم تكن إحداهن تتخذ عوداً تجعله بين وجهها وبين الجلباب، كما قاله بعض الفقهاء، ولا يعرف هذا عن امرأة من نساء الصحابة ولا أمهات المؤمنين البتة، لا عملاً ولا فتوى، ومستحيل أن يكون هذا من شعار الإحرام، ولا يكون ظاهراً مشهوراً بينهن يعرفه الخاص والعام.
ومن آثر الإنصاف، وسلك سبيل العلم والعدل، تبين له راجح المذاهب من مرجوحها، وفاسدها من صحيحها، واللَّه الموفق والهادي» (١).