وفي أي شيء يُقبل، فإنَّ مجابهتنا لأعداء الأمة لا يدفعنا إلى أن نضع أيدينا في أيدي الذين لم يصيبوا من الإسلام إلا اسمه بدعوى الحرص على الأخوة فليتدبر ذلك.
الأصل الثالث في قضية "آداب الخلاف"
(٣) معرفة أسباب الخلاف الفقهي.
وقد صنف العلماء في بيان ذلك الرسائل الماتعة، ومن أبرز هذه الرسائل ما سطرته يد شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته الرائعة "رفع الملام عن الأئمة الأعلام"، وأنا أوصى الأخوة باقتناء هذه الرسالة وتدبرها جيداً، وهي مع صغرها عظيمة الإفادة.
فتعرف من خلالها أن أهل العلم قد يختلفون لأسباب عدة: بداية من معرفة الدليل أو ثبوته عندهم أو الاختلاف في تأويله أو وجود المعارض أو اختلافهم في الجمع بين الأدلة أو .. أو .. الخ.
فينقدح في ذهنك أنَّ الأمر رحب واسع، وليس كما يتصوره بعضنا حين ينال من العلم شبراً، وستقول يوماً وأنت تعض أصابع الندم " أُكِلْتُ يوم أُكِل الثور الأبيض "
الأصل الرابع:
(٤) الإلمام بفقه الواقع.
فإنَّ معرفة المخاطر الهائلة والتحديات الخطيرة التي تواجه الأمة في عصرنا الحالي، يبعث هذا على ضرورة التكاتف ونبذ الخلاف، ولا يكون ذلك إلا من خلال السلوك الأخلاقي والتأدب بآداب الإسلام في اختلافاتنا، فإنَّ هؤلاء لا يريدون أن يبقوا للإسلام قائمة، لا يتركون أسود ولا أبيض فالجميع سيؤكل إن آجلاً أو عاجلاً.
لذلك فإنَّ إثارة الاختلافات بين المسلمين وتنمية الخصومات في مثل هذا الزمان يُعد خيانة عظمى للأمة بأسرها، بل علينا أن نحض القوم على التأدب بآداب الخلاف، فيلتمس للمخالف الأعذار، ويتسع الصدر لاختلاف وجهات النظر، ولا تنخلع من القلوب المودة والمحبة المشتركة من خلال نسيج الأخوة الإيمانية.