لو صحت لنا هذه الأخوة الإيمانية المرجوة، لو سعينا في زرع بساتينها في قلوبنا لأثمرت فينا حياة أخرى غير تلك التي نحياها، فإنَّ القلوب تحيا وتترابط وتتآلف فيورثها الله من النعيم ما لا يستشعره إلا من ذاقه.
فمن ذلك:
أولا: أن يتذوق حلاوة الإيمان فيحيا حياة السعداء.
قال - صلى الله عليه وسلم -: " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار"(١)
فحينئذٍ يستشعر لذة الطاعة وتحمل المشقة في رضى الله ورسوله وإيثار ذلك على عرض الدنيا، فالقلب السليم من أمراض الغفلة والهوى يجد طعم الإيمان كذوق الفم طعم العسل، ولا ينال المرء هذه الثمرة حتى تتحقق فيه ثلاث خصال ترجع إلى واحدة أعني إيثار الله ورسوله على كل شيء فلا شيء أحب إليه من الله ورسوله، ولا تعلق له بأي إنسان إلا من خلال الحب في الله، ولا أكره إليه من حياة الجاهلية والكفر والعصيان، حينها يباشر قلبه ما يعجز اللسان عن بيانه فإنه لا يحتمل الوصف بل لابد أن تمر بك هذه المشاعر حتى تعرف مدى روعتها وجمالها.
(١) متفق عليه أخرجه البخاري (١٦) ك الإيمان، باب حلاوة الإيمان ومسلم (٤٣) ك الإيمان، باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان.