للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السبب الثالث لتعميق أواصر الأخوة

[ثالثا: النصيحة للإصلاح]

من الأسباب الجالبة لتعميق أواصر الأخوة، أن تنصح أخاك فيما يصلحه، فإنه دليل اهتمامك به، وحرصك على ما ينفعه، قال تعالى: " وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ" [سورة العصر]

يقول ابن القيم رحمه الله: " وهذا نهاية الكمال، فإن الكمال أن يكون الشخص كاملاً في نفسه مكملاً لغيره ".

تأمل معي هذا الكلام الممتع، هذا هو الكمال الحقيقي، وهذه حقيقة النصيحة المأمور بها في هذه السورة " وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ "

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: " أعظم ما عبد الله به نصيحة خلقه، قال تعالى: " وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِين " [فصلت/ ٣٣]

فشأن هذا أن تقوم اعوجاج نفسك، وفي نفس الوقت تقوِّم اعوجاج الناس حسب مقياس الذكر الذي هو مقياس كل شيء - كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ـ

النصيحة والتواصي بها في الإسلام تعتبر من أكبر إنجازات هذا الدين العظيم، وهي من مقتضيات التوحيد، وقد بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين عليها.

يقول جرير بن عبد الله البجلي: بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم (١).


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري (٥٧) ك الإيمان، باب الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، ومسلم (٥٦) ك الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة.

<<  <   >  >>