للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بهم على حد سواء، إذ لا يجوز نصر المقالات والتعصب لها والتزام لوازمها لإحسان الظن بأربابها بحيث يرى مساوئهم محاسن، ويسيء الظن بالخصوم فيرى محاسنهم مساوئ، قال تعالى: " وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى " [المائدة/٢]

فلا تغتر بأي اسم مهما كان، ولكن في حدود الأدب والقيام بحقوق أهل العلم، فإنَّ علماءنا ومشايخنا أحباءٌ إلينا، ولكن القيام لله بالقسط أحب إلينا وأقرب.

فلا تتعصب لرأى إذ رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأى غيري خطأ يحتمل الصواب، فالتعصب ممقوت، لا لشخص ولا لجماعة وإنَّما نتعصب لقال الله، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهم هؤلاء الأصحاب الذين زكاهم الله، قال تعالى " فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " [البقرة / ١٣٧]

[السبب الثاني لإعدام الخلاف: استعمال أدب الخلاف.]

قال تعالى: " وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إحداهما على الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ " [الحجرات / ٩]

وهذا في حال اقتتال المؤمنين ولم ينف الله عنهم الإيمان، ولم يفسق منهم أحداً.

وهؤلاء صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اختلفوا واقتتلوا ولم ينف أحدٌ منهم عن الآخر اسم الإيمان، بل لما سئل على بن أبى طالب - رضي الله عنه - عن الخوارج فقيل له: نكفرهم، قال: لا فقيل: نفسقهم. قال: لا. قالوا: فمن هم؟ قال - رضي الله عنه -: إخواننا بَغَوا علينا.

وجاءه آخر ينتقص من قدر أم المؤمنين عائشة ـ رضى الله عنها ـ فقال له: اذهب مقبوحاً أتؤذي محبوبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <   >  >>