هذه الثمرة الجميلة تنكشف لمن يروم أن يشعر الناس بالأمن من جانبه، بالثقة في مودته، بالعطف الحقيقي على معاناتهم، شئ من سعة الصدر في أول الأمر كفيل بأن يتحقق لك ذلك كله أقرب مما تتوقعه، ليس لأني أقول ذلك، ولكن الله هو الذي قال:" ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ "[فصلت /٣٤ـ٣٥].
سابعا: دع الآخرين يتوصلون لفكرتك.
عندما يخطئ إنسان فقد يكون المناسب في تصحيح الخطأ أن تجعله يكتشف الخطأ بنفسه ثم تجعله يكتشف الحل.
من الشواهد في هذا الصدد ما ذكره الشيخ محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ من قصة الشيخ / عبد الرحمن البكري حينما ذهب إلى الهند فوجد أحد علمائها يلعن الشيخ / محمد بن عبد الوهاب في نهاية كل درس، فقام الشيخ البكري ونزع غلاف كتاب التوحيد، ودعا الشيخ لمنزله ثم استأذنه ليأتي بالطعام، وكان الكتاب قريباً من الشيخ الهندي فأخذ يتصفحه، وأعجب به حتى عندما عاد إليه الشيخ البكري وجده يهز رأسه متعجبا ويقول: لمن هذا الكتاب؟!، هذه التراجم وعناوين الفصول شبه تراجم البخاري، هذا ـ والله ـ نفسه البخاري.
قال الشيخ البكري ـ فقلت: ألا تذهب للشيخ الغزوى نسأله، وكان صاحب مكتبة فأخبرهم أنَّه للشيخ محمد بن عبد الوهاب. فصاح العالم الهندي بصوت عال: الكافر.
فسكتنا وسكت قليلا، ثم هدأ غضبه واسترجع، ثم كان بعد ذلك يدعو تلاميذه للدعاء للشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ، وتفرق تلاميذه في البلاد وهم على عادة شيخهم في الدعاء للشيخ.