للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يُروى إلا إذا وُجد الدليل على صدق القائل.

ينبغي أن نحمل الكلام محملاً حسناً، وحسن الظن واجب، والتأويل الحسن لازم لسلامة الصدر.

[القاعدة الرابعة: الخبرة بمدلولات الألفاظ ومقاصدها.]

يقول الأدباء: قد يوحش اللفظ، وكله وُدّ.

حين يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ - مثلاً - " ثكلتك أمك" (١) معناها فقدتك، فاللفظ موحش ولكنه يفيض محبة، فالرسول أراد أن يفهمه وقد قال له - صلى الله عليه وسلم - " إني لأحبك يا معاذ " (٢)

ففهم مدلولات الألفاظ ضرورة، فمن الألفاظ ما يجرى على الألسنة بغير قصد لمدلوله الظاهر، بل يتعارف الناس فيه معنى آخر، ويتداول بينهم حتى يعود هو المتبادر.

كمثل قولهم: ويله وويل أمه، تربت يمينه، ... الخ هذه العبارات، وهنا ينظر أصحاب العقول البصيرة، فيتأملوا قرائن الحال والمتكلم، فإن كان ولياً فهو الولاء، وإن بدا القول خشناً، وإن كان عدواً فهو البلاء حتى ولو بدا القول حسنا (٣)

يقول الإمام السبكي: " فكثيراً ما رأيت من يسمع لفظة فيفهمها على غير وجهها، فيغير على الكتاب والمؤلف ومن عاشره ومن استن بسنته مع أن المؤلف لم يرد بذلك الوجه الذي وصل إليه ذلك الرجل ".


(١) جزء من حديث أخرجه الترمذي (٢٦١٦) ك الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة وقال: حسن صحيح، وابن ماجة (٣٩٧٣) ك الفتن، باب كف اللسان في الفتنة، وصححه الشيخ الألباني -رحمه الله - في صحيح الترمذي (٢١١٠)، وصحيح ابن ماجة (٣٢٠٩).
(٢) جزء من حديث أخرجه أبو داود (١٥٢٢) ك الصلاة، باب في الاستغفار، والنسائي (١٣٠٣) كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء، والإمام أحمد في مسنده (٥/ ٢٤٧)، وصححه الشيخ الألباني - رحمه الله - في صحيح الجامع (٧٩٦٩).
(٣) انظر أحكام صنعة الكلام للقلاعي.

<<  <   >  >>