للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تواضعوا فالمؤمنون أعزة على الكافرين، أذلة على إخوانهم المؤمنين، ولا تترفع عن قبول نصيحة من أي شخص كائناً من كان، حتى إذا كان حليقاً أو مخالفاً لك في الاتجاه، فما يدريك لعله أفضل منك، فإنِّي أخاف أن يتسلل إليك ولو ذرة من كبر، ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر.

[(٢) اختلاف وجهات النظر]

اختلاف وجهات النظر ينبغي ألا يكون سبباً للاختلاف، إذ هذا ليس عيباً، بل إنَّ المجتهد يخطئ تارة ويصيب تارة، وليس هناك عالم كل أقواله صحيحة، فما من أحد إلا ويؤخذ من قوله ويرد إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -.

في كتاب الرد الوافر لابن ناصر يقول: لقد أجمع العلماء على أنَّ فروع الشريعة المخطئ فيها مجتهد يثاب لا يكفر ولا يفسق.

فإذا كان كذلك والحالة هذه، فعليك أن تتقدم بالنصيحة مشكوراً، وتسوق دليلك مأجوراً، وقد أوجب الله على المسلم أن ينزل عند الحق، وإن جاء على يد أصغر إخوانه، فالحكمة ضالة المؤمن أنَّى وجدها فهو أحق بها.

ولقد أُخذ بقول الشيطان في قصته مع أبى هريرة عندما كان يأتي للسرقة، وفي النهاية قال له: اتركني وأنصحك نصيحة، ثم قال له: " إذا أويت إلى مضجعك فاقرأ آية الكرسي فإن قرأها مسلم في ليلة لن يقربه شيطان ".

فأخبر أبو هريرة - رضي الله عنه - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له: " صدقك وهو كذوب ". (١)

وصارت قراءة آية الكرسي عند النوم من السُّنة، رغم أن الذي نصح بها هو الشيطان، إذن علينا أن نأخذ بالحق ممن جاء به كائناً من كان، فأنت أحق به وأهله.


(١) أخرجه البخاري (٣٢٧٥) ك بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده.

<<  <   >  >>